![]() |
| Image by kjpargeter on Freepik |
تعيش أسواق الأسهم العالمية لحظة فريدة؛ لحظة تجمع بين الحماس المفرط تجاه شركات الذكاء الاصطناعي من جهة، وموجة من المخاوف التي يُطلقها بعض كبار المستثمرين من جهة أخرى. وبين هذا وذاك، يظهر صوت مايكل بيري—أحد أشهر من توقّعوا أزمة 2008—ليحذّر من أن ما يحدث اليوم قد يكون نذير فقاعة جديدة.
أسهم آسيا تهتز… ومؤشرات القلق تتصاعد
في الأيام الأخيرة، شهدت أسواق آسيا تراجعًا ملحوظًا؛ إذ انخفض مؤشر Nikkei بنسبة 2.5% وفقًا لتقارير BBC—وهو هبوط أثار موجة من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه مجرد حركة تصحيح بسيطة أم بداية مسار هبوطي أوسع. وبالنظر إلى أن موجة التفاؤل المرتبطة بالذكاء الاصطناعي كانت أحد أكبر محرّكات الصعود، فإن أي تشكّك في قدرة الشركات التقنية على تبرير تقييماتها قد يقلب المشهد رأسًا على عقب.
مايكل بيري يدخل المشهد: رهان كبير… ورسالة أكبر
ما يضاعف حجم القلق أن المستثمر الشهير مايكل بيري وضع رهانًا ماليًا ضخمًا—بلغ 1.1 مليار دولار وفقًا لتقرير MSN—على هبوط أسهم شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى. هذا الرهان ليس مجرد صفقة مالية، بل رسالة ضمنية مفادها أن السوق قد انحرف كثيرًا عن الأساسيات، وأن "الضجيج" حول الذكاء الاصطناعي ربما تجاوز حجم الإنجاز الفعلي حتى الآن.
Palantir: تقييمات ضخمة… وإيرادات لا تلحق بالركب
وفقًا لمجلة Fortune، وصلت القيمة السوقية لشركة Palantir إلى نحو 450 مليار دولار، بينما لا تتجاوز إيراداتها السنوية المتوقعة 4.4 مليارات دولار. ورغم إعلان الشركة في إفصاحها الأخير عن نمو في إيرادات الربع الثالث، إلا أن الفجوة بين قيمتها السوقية وأدائها المالي العملي تثير أسئلة حول مدى واقعية التوقعات التي تدفع المستثمرين إلى هذا الحد من التفاؤل.
"الأسواق اليوم تُسعّر المستقبل وكأنه مضمون… لكنها تتجاهل سؤال: متى يصبح ذلك المستقبل حاضرًا؟"
Nvidia: بين الأسطورة والواقع… أين يقف المنطق؟
أما Nvidia، فالقصة مختلفة لكنها ليست أقل تعقيدًا. إذ أشارت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مؤخرًا إلى أن الشركة أصبحت أول من يلامس تقييم 5 تريليونات دولار—وهو رقم غير مسبوق يسلّط الضوء على حجم التوقعات الهائلة التي تغذي الجدل حول ما إذا كانت هذه القمة قابلة للاستدامة.
الطلب على شرائحها لا يزال محمومًا—بدءًا من جيل H100 الحالي ووصولًا إلى شرائح GB200 المرتقبة، كما تشير تقارير الصناعة—لكن هنا يدخل سؤال بيري من الباب الخلفي: هل ستتمكن Nvidia من الحفاظ على هذا الزخم في ظل منافسة تتسارع بأكثر مما يفعل القانون؟
الاستنتاج: فقاعة أم ثورة؟
ليس الهدف من هذا التحليل الوقوف ضد موجة الذكاء الاصطناعي، فالتقنية بالفعل تُحدث تحولات لا يمكن إنكارها. لكن الفكرة هي ضرورة التمييز بين الإنجاز الحقيقي وبين "الضجيج" الذي قد يصنع فقاعة، كما حدث في كل الموجات التقنية الكبرى عبر العقود.
مايكل بيري قد يصيب… وقد يخطئ. لكن تجاهل تحذيراته بالكامل ليس خيارًا حكيمًا، خاصة عندما تكون الأرقام بهذا الحجم والتقييمات بهذا الارتفاع. وبين صعود أسطوري لشركات مثل Nvidia، وتقييمات مبالغ فيها لشركات أخرى مثل Palantir، تبدو الأسواق وكأنها تقف عند مفترق طرق: إما استمرار في الصعود على أجنحة الذكاء الاصطناعي… أو لحظة انفجار يعيد الأشياء إلى حجمها الطبيعي.
ختامًا
العبرة ليست في التصديق المطلق ولا التشكيك المطلق، بل في التحليل المتوازن. فبين الأمل والقلق، وبين الحماس والواقعية، يعيش المستثمرون لحظة ستحدد—ربما لسنوات طويلة—شكل الأسواق العالمية ومستقبل صناعة التكنولوجيا.
